كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أحدها: يعني إلا بحجة، قاله مجاهد، قاله ابن بحر: والحجة الإيمان.
الثاني: لا تنفذون إلا بمُلْك وليس لكم مُلْك، قاله قتادة.
الثالث: معناه لا تنفذون إلا في سلطانه وملكه، لأنه مالك السموات والأرض وما بينهما، قاله ابن عباس.
{يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: أن الشواظ لهب النار، قاله ابن عباس، ومنه قول أمية بن أبي الصلت يهجو حسان بن ثابت:
يمانيًا يظل يشد كيرًا ** وينفخ دائبًا لهب الشواظ

فأجابه حسان فقال:
همزتك فاختضعت بذل نفسٍ ** بقافية تأجج كالشواظ

الثاني: أنه قطعة من النار فيها خضرة، قاله مجاهد.
الثالث: أنه الدخان، رواه سعيد بن جبير، قال رؤبة بن العجاج:
إن لهم من وقعنا أقياظا ** ونار حرب تسعر الشواظا

الرابع: أنها طائفة من العذاب، قاله الحسن.
وأما النحاس ففيه أربعة أقاويل:
أحدها: أنه الصفر المذاب على رؤوسهم، قاله مجاهد، وقتادة.
الثاني: أنه دخان النار، قاله ابن عباس، قال النابغة الجعدي:
كضوء سراج السلي ** ط لم يجعل الله فيه نحاسًا

الثالث: أنه القتل، قاله عبد الله بن أبي بكرة.
الرابع: أنه نحس لأعمالهم، قاله الحسن.
{فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ} يعني يوم القيامة.
{فَكَانَتْ وَرْدَةً} فيه وجهان:
أحدهما: وردة البستان، وهي حمراء، وقد تختلف ألوانها لكن الأغلب من ألوانها الحمرة، وبها يضرب المثل في لون الحمرة، قال عبد بني الحسحاس:
فلو كنت وردًا لونه لعشقتني ** ولكن ربي شانني بسواديا

كذلك تصير السماء يوم القيامة حمراء كالورد، قاله ابن بحر.
الثاني: أنه أراد بالوردة الفرس الورد يكون في الربيع أصفر وفي الشتاء أغبر، فشبه السماء يوم القيامة في اختلاف ألوانها بالفرس الورد، لاختلاف ألوانه، قاله الكلبي والفراء.
وفي قوله: {كَالدِّهَانِ} خمسة أوجه:
أحدها: يعني خالصة، قاله الضحاك.
الثاني: صافية، قاله الأخفش.
الثالث: ذات ألوان، قاله الحسن.
الرابع: صفراء كلون الدهن، وهذا قول عطاء الخراساني، وأبي الجوزاء.
الخامس: الدهان أديم الأرض الأحمر، قاله ابن عباس، قال الأعشى:
وأجرد من فحول الخيل طرف ** كأن على شواكله دهانا

وزعم المتقدمون أن أصل لون السماء الحمرة، وأنها لكثرة الحوائل وبعد المسافة ترى بهذا اللون الأزرق، وشبهوا ذلك بعروق البدن هي حمراء كحمرة الدم وترى بالحائل زرقاء، فإن كان هذا صحيحًا فإن السماء لقربها من النواظر يوم القيامة وارتفاع الحواجز ترى حمراء لأنه أصل لونها.
{فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنْبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ} فيه خمسة أقاويل:
أحدها: كانت المسألة قبل، ثم ختم على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، قاله قتادة.
الثاني: أنه لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا، قاله ابن عباس.
الثالث: لا يسأل الملائكة عنهم لأنهم قد رفعوا أعمالهم في الدنيا، قاله مجاهد.
الرابع: أنه لا يسأل بعضهم بعضًا عن حاله لشغل كل واحد منهم بنفسه، وهذا مروي عن ابن عباس أيضًا.
الخامس: أنهم في يوم تبيض فيه وجوه وتسود فيه وجوه فهم معروفون بألوانهم فلم يسأل عنهم، قاله الفراء.
{يَطُوفَونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءَانٍ} قال قتادة: يطوفون مرة بين الحميم، ومرة بين الجحيم، والجحيم النار، والحميم الشراب.
وفي قوله تعالى: {ءَانٍ} ثلاثة أوجه:
أحدها: هو الذي انتهى حره وحميمه، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي، ومنه قول النابغة الذبياني:
وتخضب لحية غدرت وخانت ** بأحمر من نجيع الجوف آن

أي حار.
الثاني: أنه الحاضر، قاله محمد بن كعب.
الثالث: أنه الذي قد آن شربه وبلغ غايته، قاله مجاهد.
{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} وفي الخائف مقام ربه ثلاثة أقاويل:
أحدها: من خاف مقام ربه بعد أداء الفرائض، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه يهم بذنب فيذكر مقام ربه فيدعه، قاله مجاهد.
الثالث: أن ذلك نزل في أبي بكر رضي الله عنه خاصة حين ذكر ذات يوم الجنة حين أزلفت، والنار حين برزت، قاله عطاء وابن شوذب.
قال الضحاك: بل شرب ذات يوم لبنًا على ظمأ فأعجبه، فسأل عنه فأُخْبِر أنه من غير حل، فاستقاءه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، فقال: «رَحِمَكَ اللَّهُ لَقَدْ أُنزِلَتْ فِيكَ آيَةٌ» وتلا عليه هذه الآية.
وفي مقام ربه قولان:
أحدهما: هو مقام بين يدي العرض والحساب.
الثاني: هو قيام الله تعالى بإحصاء ما اكتسب من خير وشر.
وفي هاتين الجنتين أربعة أوجه:
أحدها: جنة الإنس وجنة الجان، قاله مجاهد.
الثاني: جنة عدن، وجنة النعيم، قاله مقاتل.
الثالث: أنهما بستانان من بساتين الجنة، وروي ذلك مرفوعًا لأن البستان يسمى جنة.
الرابع: أن إحدى الجنتين منزله، والأخرى منزل أزواجه وخدامه كما يفعله رؤساء الدنيا.
ويحتمل خامسًا: أن إحدى الجنتين مسكنه، والأخرى بستانه.
ويحتمل سادسًا: أن إحدى الجنتين أسافل القصور، والأخرى أعاليها.
{ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: ذواتا ألوان، قاله ابن عباس.
الثاني: ذواتا أنواع من الفاكهة، قاله الضحاك.
الثالث: ذواتا أتا وسَعَةٍ، قاله الربيع بن أنس.
الرابع: ذواتا أغصان، قاله الأخفش وابن بحر.
والأفنان جمع واحده فنن كما قال الشاعر:
ما هاج سوقك من هديل حمامة ** تدعوا على فنن الغصون حماما

تدعو أبا فرخين صادف ضاريًا ** ذا مخلبين من الصقور قطاما

{مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} فيه وجهان:
أحدهما: أن بطائنها يريد به ظواهرها، قاله قتادة.
والعرب تجعل البطن ظهرًا فيقولون هذا بطن السماء وظهر السماء.
الثاني: أنه أراد البطانة دون الظهارة، لأن البطانة إذا كانت من إستبرق وهي أدون من الظاهرة دل على أن الظهارة فوق الإستبرق، قاله الكلبي.
وسئل عباس فما الظواهر؟ قال: إنما وصف لكم بطائنها لتهتدي إليه قلوبكم فأما الظواهر فلا يعلمها إلا الله.
{وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} فأما الجنا فهو الثمر، ومنه قول الشاعر:
هذا جناي وخياره فيه ** إذ كل جان يده إلى فيه

وفي قوله: {دَانٍ} وجهان:
أحدهما: داني لا يبعد على قائم ولا على قاعد، قاله مجاهد.
الثاني: أنه لا يرد أيديهم عنها بُعد ولا شوك، قاله قتادة.
{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} قال قتادة: قصر طرفهن على أزواجهن، لا يسددن النظر إلى غيرهم، ولا يبغين بهم بدلًا.
{لَمْ يَطْمَثهنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لم يمسسهن، قال أبو عمرو: الطمث المس، وذلك في كل شيء يمس.
الثاني: لم يذللهن إنس قبلهم ولا جان، والطمث: التذليل، قاله المبرد.
الثالث: لم يُدْمِهُنَّ يعني إنس ولا جان، وذلك قيل للحيض طمث، قال الفرزدق:
دفعن إليَّ لم يطمثن قبلي ** وهن أصح من بيض النعام

وفي الآية دليل على أن الجن تغشى كالإنس.
{هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: هل جزاء الطاعة إلا الثواب.
الثاني: هل جزاء الإحسان في الدنيا إلا الإحسان في الآخرة، قاله ابن زيد.
الثالث: هل جزاء من شهد أن لا إله إلا الله إلا الجنة، قاله ابن عباس.
الرابع: هل جزاء التوبة إلا المغفرة، قاله جعفر بن محمد الصادق.
ويحتمل خامسًا: هل جزاء إحسان الله عليكم إلا طاعتكم له.
{وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} فيه وجهان:
أحدهما: أي أقرب منهما جنتان.
الثاني: أي دون صفتهما جنتان.
وفيها ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن الجنات الأربع لمن خاف مقام ربه، قال ابن عباس: فيكون في الأوليين النخل والشجر، وفي الأخريين الزرع والنبات وما انبسط.
الثاني: أن الأوليين من ذهب للمقربين، والأخريين من وَرِقٍ لأصحاب اليمين، قاله ابن زيد.
الثالث: أن الأوليين للسابقين، والأخريين للتابعين، قاله الحسن.
قال مقاتل: الجنتان الأوليان جنة عدن وجنة النعيم والأخريان جنة الفردوس وجنة المأوى، وفي الجنات الأربع جنان كثيرة.
ويحتمل رابعًا: أن يكون من دونهما جنتان لأتباعه، لقصور منزلتهم عن منزلته، إحدهما للحور العين، والأخرى للولدان المخلدين، لتميز بهما الذكور عن الإناث.
{مُدْهَآمَّتَانِ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أي خضراوان، قاله ابن عباس.
الثاني: مسودتان، قاله مجاهد، مأخوذ من الدهمة وهي السواد، ومنه سمي سود الخيل دهمًا.
الثالث: خضروان من الرّي ناعمتان، قاله قتادة.
{فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدهما: ممتلئتان لا تنقطعان، قاله الضحاك.
الثاني: جاريتان، قاله الفراء.
الثالث: فوّارتان، وذكر في الجنتين الأوليين عينين تجريان، وذكر في الأخريين عينين نضاختين، والجري أكثر من النضخ.
وبماذا هما نضاختان؟ فيه أربعة أوجه: